ذكرى وفاة الأستاذ/ عبد اللطيف حسن مصطفى عبيد “أبو سهيل” (الرجل المناضل – نبض المخيم)

غزة/ شبكة فتح العاصفة الإخبارية
الأستاذ/ عبد اللطيف حسن مصطفى عبيد “أبو سهيل”
(الرجل المناضل – نبض المخيم)
وُلِدَ عبد اللطيف عبيد في مدينة المجدل – عسقلان، قضاء غزة في العام 1934م، تلك المدينة التي تقع على بُعد 15 كم شمال مدينة غزة.
والده “حسن مصطقى عبيد”، كما أغلبية أبناء مدينتة عمل في الزراعة ولاحقاً عمل في محجر، والدته” زهية عبيد” ابنة مدينة المجدل، وله ثلاثة اخوة وأختاً واحدة، وهو ثالث اخوته.
نما وترعرع في كنف والديه طفلاً وصبياً في المجدل، إذ أرسله والده الى مدرسة المدينة ليتعلم وينهل من علومها وآدابها. لم يتجاوز عمره السنتين حين اشتعلت ثورة العام 1936م في عموم فلسطين للتخلص من ظُلم الانتداب والاستعمار البريطاني المُنحاز إلى الصهيونية الساعية لاغتصاب فلسطين، وليكبر فتىً يوم حلت بفلسطين نكبتها في سنة 1948م، لم يكن أمام الأهل إلا الرحيل، فكانت الهجرة القسرية نحو الجنوب، فقد سكن ووالدته واخوته في خانيونس، فقد تُوفي والده إثر سقوط حجارة المحجر عليه قبل النكبة، وما أن أنشأت وكالة الغوث (الأونروا) مخيم الشاطئ بغزة، انتقلوا إليه بعد سنة 1951م.
شمَّر الفتى عبد اللطيف عن ساعديه وراح يعمل بائعاً متجولاً ليساعد في توفير احتياجات الأسرة، وأكمل دراسته الثانوية، وليحصل على وظيفه مدرس للمواد الاجتماعية في مدارس (الأونروا) في قطاع غزة، وليُتابع تعليمه الجامعي مُنتسباً لكلية الآداب – جامعة القاهرة، وليحصل على شهادة البكالوريوس، وليتقدم في التحصيل العلمي حتى نال شهادة الماجستير في العلوم الاجتماعية.
تزوج الأستاذ “عبد اللطيف عبيد” الآنسة “هنية محمود الشيخ سلامة”، ابنة بلدته المجدل في العام 1956م، ورزقهما الله ستة أبناء (سهيل، سمير، علاء، أحمد، رائد وساجي) وابنتين (سهيلة وتحرير).
عاصر “عبد اللطيف عبيد” نضال شعبه في سنوات المد الوطني، وكان مشاركاً وفاعلاً في التخطيط والقيادة لمظاهرات سنة 1955م ضد مشاريع التوطين في سيناء، وكان له دور في حشد الطاقات ومقاومة المحتل الاسرائيلي ابان العدوان الثلاثي على مصر واحتلال قطاع غزة في سنة 1956م.، وكذلك دوره في النضال الوطني بعد عدوان حزيران 1967 واحتلال اسرائيل لقطاع غزة والضفة الغربية والقدس (ما تبقى من فلسطين) والعريش وسيناء المصرية ومرتفعات الجولان السورية.
لقد ساهم الاستاذ المناضل عبد اللطيف (أبو سهيل) في رفع الوعي الوطني في صفوف طلبته، فكان لهم ولأبنائه المدرس والصديق والرفيق، كان لهم ناصح ومُلهِم وقائد، وليس أباً ومدرساً فقط، فكانت حصص المواد الاجتماعية الخاصة به في مدارس وكالة الغوث (الأونروا) بمثابة جرعات في حب الوطن والتعرف عليه تاريخاً وجغرافيا، وتعبئة ثورية في مجابهة الاحتلال الصهيوني، الأمر الذي دفع سلطات الاحتلال الصهيوني بالزج به داخل معتقلاتها بتهمة التحريض والعمل السياسي الثوري الوطني، ويومها كتبت الصحف الاسرائيلية في عناوينها الرئيسة خبر اعتقاله بعنوان: “اعتقال مُسمم أفكار الطلاب في قطاع غزة”، في اشارة لحجم تأثيره في رفع حالة الوعي الوطني لدى الطلاب والشباب، وما زال الكثير من طلابه آنذاك يستذكرون تلك الدروس والأحاديث والبيانات التي كان أستاذهم “أبو سهيل” يُدلي بها.
لقد كان المناضل أبو سهيل يتصف بالهدوء والصمت والسرية في العمل الوطني الميداني، لا يحب الظهور، إذ كان يبذل كل ما بوسعه ويسعى جاهداً لإنجاز المهمات المُلقاة على عاتقه.
كان دوره بارزاً في الميدان الثوري والوطني بعد نكسة حزيران 1967، فقد شكل مجموعات من أبناء حركة “فتح” في قطاع غزة لجمع وتخزين الأسلحة المتروكة من قوات الجيش المصري وجيش التحرير الفلسطيني، وتعليمات من القائد “أبو عمار” آنذاك قام ورفاقه بنقل بعضها إلى الضفة الغربية مشياً على الأقدام، لتكون تلك الأسلحة والذخائر شرارة ووقود المقاومة ضد جيش الاحتلال الاسرائيلي بعد عدوان حزيران 1967م، وكانت نقلة نوعية في العمل المسلح والمقام في الثورة الفلسطينية المعاصرة داخل الوطن المحتل، فقد صنف مؤرخو الثورة الفلسطينية، بأن الانطلاقة الثانية لحركة “فتح” تجلت حين تولى عبد اللطيف عبيد قيادة الحركة في قطاع غزة بعد حزيران 1967م.
لقد برز دور الرجل في الوسط المجتمعي أيضاً في اصلاح ذات البين وتعزيز السلم الأهلي بين أبناء الوطن الواحد، وامتدد وتجلى هذا الدور قُبيل الانتفاضة الشعبية الكبرى في العام 1987م حتى اشتداد المرض عليه، فقد كان أحد عناوين الاصلاح والسلم الأهلي المجتمعي ومرجعاً في قضايا الاصلاح والعُرف العشائري خاصة في سنوات انتفاضة 1987،إذ أُسند الحل القضائي والاصلاحي للجان الاصلاح الوطنية، فكان لأبي سهيل واخوته من أهل الخبرة والمعرفة الدور الأبرز في تعزيز وتقوية روابط الاخوة والانتماء للوطن، وامتدد هذا الدور أيضاً لحل بعض قضايا الخلاف بين فصائل العمل الحزبي والفصائلي التي كانت تطل برأسها خاصة في سنوات الانتفاضة الشعبية، فشكل أبو سهيل، رجل السياسة والإصلاح المجتمعي مرجعاً وطنياً بامتياز لرأب الصدع بين اخوة الكفاح والنضال الوطني.
بقدوم السلطة الوطنية الفلسطينية في العام 1994م. وبقرار من الرئيس أبو عمار، تولى الأستاذ أبو سهيل مسؤولية لجان العشائر والاصلاح في حركة “فتح”، حيث شكل أوسع لجنة اصلاح عشائري في قطاع غزة تتبع حركة فتح، وكان لها دور مهم وبارز في مساندة السلطة الوطنية وفي تحقيق السلم الأهلي المجتمعي، ويُؤمِن بضرورة بناء دولة مدنية قائمة على سيادة القانون، ويُحسب له موقف، أن رفض عرضاً مقدماً من UNDP بمبلغ نصف مليون دولار لتعزيز وتمكين اللجان العشائرية في قطاع غزة، مُبرراً ذلك نصاً “بأنه وبرغم أهمية لجان العشائر والاصلاح إلا أنه يجب أن تُوجه تلك الأموال والتمويل لتمكين وتقوية وتعزيز بنية القضاء الفلسطيني”، وكان موقفه هذا بحضور مدير المركز الفلسطيني للديمقراطية وحل النزاعات في اجتماع مشترك مع UNDP.
لقد تولى الأستاذ المناضل أبو سهيل مسؤولية اللجنة الشعبية لشؤون اللآجئين في مخيم الشاطئ، حيث سعى من خلال ذلك إلى تعزيز حق العودة للآجئين الفلسطينيين وايصال صوت لآجئي شعبه إلى كل الأصدقاء والأحرار والمتضامنين مع حقوق الشعب الفلسطيني في العالم، بأن أقام شراكات وتوأمة مع بلديات ولجان دعم اوروبية، وساهم من خلال اللجنة الشعبية للآجئين في المخيم في تحسين الواقع الحقوقي والمعيشي لأبناء المخيم.
لقد حرص أبو سهيل وزوجته على تربية الأبناء والبنات التربية الحسنة وتعليمهم التعليم الجامعي العالي، وبث فيهم القيم الأخلاقية والوطنية المُشرفة:
– سهيل حاصل على ماجستير صيدلة وصاحب صيدلية الأهالي في المخيم
– سهيلة حاصلة على بكالوريوس محاسبة، إلا أنها فضلت أن تكون ربة بيت
– سمير حاصل على بكالوريوس لغة انجليزية وتدرج مُوظفاً في السلطة الوطنية وهو الآن متقاعد.
– تحرير ربة بيت
– الشهيد علاء رحمه الله، استشهد بتاريخ 26 ديسمبر 1990م.
– د. أحمد درس الطب، تخصص أنف وأذن وحنجرة.
– م. رائد حاصل على ماجستير هندسة اتصالات ويعمل مديراً لاذاعة القدس.
– ساجي حاصل على ماجستير تنمية مستدامة وبناء المؤسسات ويعمل استشاري تنمية بشرية.
وكان للحاجة أم سهيل الدور الأساس والداعم في تربية ورعاية الأبناء أثناء سنوات اعتقال زوجها داخل معتقلات الاحتلال الاسرائيلي.
لقد هيأ الأب المناضل أبو سهيل لأبنائه طريق التعليم داخل وخارج الوطن، وغرس فيهم مبادئ وقيم الأخلاق والانسانية وحب العطاء والوطن ممارسة عملية، فكان منهم الشهيد والأسير وابن الشبيبة الفتحاوية، فكانوا وما زالوا نِعم الأبناء والبنات، شكلوا أسرهم وغدا لهم أبناء و بنات هم أحفاد أبي سهيل، ويتكاثرون.
عبر مسيرته في ميادين التدريس، تدرج أبو سهيل إلى أن أصبح مديراً ليوم واحد، إذ تم اعتقاله في اليوم التالي وليُحكم سبع سنوات، وليُفصل من وظيفته، وبعد خروجه من الاعتقال عاد إلى التدريس مدرساً للمرحلة الابتدائية، ومع مجيئ السلطة الوطنية الفلسطينية اثر اتفاقية “أوسلو” 1993م استقال من التدريس في العام 1995 ليلتحق بالسلطة الوطنية برتبة عقيد في مفوضية التوجيه السياسي، ومن ثم تقاعد برتبة عميد في عام 2006م إلى أن داهمه المرض في آخر حياته إلى أن وافته المنية بتاريخ 24 ديسمبر 2018م.
رحم الله القائد الوطني أبو سهيل عبيد، رجل العلم والتربية والاصلاح، نبض المخيم والمناضل من أجل الحرية والعودة والدولة المستقلة فلسطين وعاصمتها القدس.
رحمه الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته.

عن علام عبيد

شاهد أيضاً

وفد مشترك من هيئة علماء المسلمين في لبنان ورابطة علماء فلسطين في لبنان يلتقي فتحي أبو العردات 

رام الله/ شبكة فتح العاصفة الإخبارية المصدر / د. وسيم وني التقى وفد مشترك من …

اترك تعليقاً