غرزة المطرز.. ستبقى الأيدي فلسطينية

16 ديسمبر 2021

فلسطين المحتلة – شبكة فتح العاصفة الاخبارية

لم يهبط اليهود من السفن الاستعمارية التي أقلتهم من رومانيا وروسيا، ولاحقا من بولندا وألمانيا وبلجيكا وأميركا لتتوالى بعدها هجراتهم من مختلف دول العالم، وهم يرددون أغاني جمعية، أو وهم موحدون بزي يدل على تراث خاص.

لم يفتتحوا بمجرد وصولهم مطاعم وجبات شعبية وحلوى، لذا سرقوا “الحمص” و”الفلافل” و”الكنافة” و”المفتول”.

لا جذع لهم هنا أو جذر، لذا سرقوا الزيتون، ونقلوا جذوع أشجار معمرة إلى ميادين وحدائق، وسرقوا “الدحية” و”المطرز الفلسطيني”.

بعد سرقة الأرض والآثار ونهب المكتبات والممتلكات، تجري سرقة التراث بكل مكوناته المادية والمعنوية، الثوب الفلسطيني، والأغنية الشعبية، والأكلات الفلسطينية الأصيلة، والرواية الشفوية.

آخر محاولات الاحتلال طمس معالم الهوية والثقافة الفلسطينية، ظهور مشاركات في مسابقة “ملكة جمال الكون 2021” في مدينة أم الرشراش “ايلات” يرتدين الثوب الفلسطيني.

أمس، أعلن وزير الثقافة عاطف أبو سيف، عن إدراج فن التطريز الفلسطيني وبشكل رسمي ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي الإنساني العالمي لدى منظمة “اليونسكو”، خلال اجتماع اللجنة الدولية الحكومية للاتفاقية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي في باريس.

شعبيا، انطلقت عدة فعاليات جماهيرية على الأرض وأخرى على شكل حملات وندوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث ارتدت مشاركات ومشاركون في عدة وقفات الزي الفلسطيني، وعرضوا المأكولات التراثية، كالمفتول والفلافل، ورددوا الأغاني الشعبية، فيما أطلقت جمعيات تعنى بالمطرزات والتراث عدة حملات دفاعا عن الزي الفلسطيني.

أبو سيف اعتبر أن تسجيل التطريز على القائمة التمثيلية للتراث العالمي انتصار للرواية الفلسطينية القائمة على حق شعبنا في أرضه، وجزء من مهمة أكبر يجب الاستمرار فيها، لصون وحماية التراث الفلسطيني والدفاع عنه وتمريره للأجيال.

وزارة الثقافة عملت منذ أكثر من عامين على تسجيل التطريز ضمن القائمة التمثيلية من خلال تجهيز الملفات والمرفقات المطلوبة التي تدلل على أن التطريز تراث فلسطيني خالص يمارسه شعبنا منذ آلاف السنين. وفَتَح توقيع فلسطين عام 2011 على اتفاقية 2003 التي تعنى بصون وحماية التراث الثقافي غير المادي الفرصة أمام فلسطين لتسجيل عناصر تراثها ضمن القائمة التمثيلية للتراث العالمي.

وسجلت فلسطين بإدراج فن التطريز ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي الإنساني العالمي لدى “اليونسكو”، موقفا تاريخيا في صفحات كفاحنا ونضالنا في مواجهة سياسة سرقة تراثنا وتاريخنا وهويتنا، العصية على المحو والتزوير والسطو، حيث دأب الاحتلال على استباحة كل ما هو مقدّس على أرضنا وتحت ترابها.

وبمسؤولية وطنية وإيمان بالفكرة قامت وزارة الثقافة على العمل بمهنية ومن خلال التعاون مع سَدنة التراث الفلسطيني في الداخل وفي الشتات الذين حافظوا بكل أمانة ووعي وطني على حمايته وصونه وتوريثه جيلًا بعد جيل كي تظل فلسطين صامدة في وجه سواد الاحتلال فعلا وقولا، وإن من عبروا مارقين واستوطنوا وحاولوا بكل بطشهم أن يغيروا من خيوط ثوبها ومعالم: لونه الكنعاني، وشكله الذي يشبه كل فلسطيني على وجه هذا الكون، فظلت الذاكرة محمولة في وعي الأجيال قصةً وروايةً وشعرًا ولوحةً ولحنًا ولا يمكن لأحد أن يغير الكلمة الفعل التي صنعها الفلسطيني وصارت خطابه وفعله المقدس.

من جهته، اعتبر وزير الثقافة السابق إيهاب بسيسو، “أن الوقاحة ليست في السطو على التراث فحسب، إنما في توظيف التراث المسروق في سياق مبتذل يعتمد على تزييف أصول مكونات الهوية الوطنية والتاريخية بهدف تذويبها في سياق هوية استعمارية مصطنعة”.

وأضاف “مثال على ذلك ما حدث مؤخرا من محاولة اسرائيلية بائسة لتوظيف الثوب الفلسطيني بكل ما يحمل من دلالات التاريخ والهوية الفلسطينية كثوب تراثي “اسرائيلي” في مسابقة “ملكة جمال الكون 2021” والتي تستضيفها دولة الاحتلال كنوع من أنواع الدعاية الدبلوماسية الثقافية والتي تعتمد على تأثير القوة الناعمة بعيدة المدى من خلال استبدال مفردات التاريخ والهوية الفلسطينية بمفردات “اسرائيلية”.

وأوضح بسيسو “أن سعي دولة الاحتلال إلى “أسرلة” الهوية الوطنية والتاريخية للشعب الفلسطيني أي تذويبها في سياق اسرائيلي بعد فشل مخطط المحو الشامل والإبادة المنظمة للشعب الفلسطيني في عام 1948 و1967 وما تلا ذلك من سياسات استعمارية ما زالت حتى اليوم تظهر بكل بشاعة في مختلف مناحي الفعل الثقافي والمعرفي يجعل التحدي الثقافي في الانتصار للحقيقة أكثر إلحاحا في مجالات الفعل والإبداع الثقافي المعاصر وكذلك في صناعات الفنون المختلفة”.

وتابع “المسألة ليست في شكل فعل القرصنة الفج والمتمثل في السطو على الثوب الفلسطيني أو الكوفية أو حتى مكونات المطبخ الفلسطيني فحسب بل في أزمة الهوية الاستعمارية المتمثلة في سعيها الدائم لنفي رموز الوجود الفلسطيني كنوع من النفي الممنهج للثقافة والتاريخ والجغرافيا وإعادة مأسسة الفعل التاريخي والثقافي المعاصر ضمن تجاهل مقصود للوجود الفلسطيني اجتماعيا وسياسيا وثقافيا”.

وختم بسيسو: “إن ظهور ملكات جمال دول العالم بالثوب الفلسطيني ضمن مسابقة ملكة جمال الكون 2021 المستضافة في دولة الاحتلال يمثل نوعا من التواطؤ والتورط في الجريمة الاستعمارية الثقافية ضد الشعب الفلسطيني، ويتناقض تماما مع مبادئ حقوق الانسان التي تسعى دوما للحفاظ واحترام الهويات المختلفة وأشكال التراث الانساني كنوع من الفعل الحضاري القائم على احترام التعددية والخصوصيات التاريخية والثقافية”.

عن أبو آدم

شاهد أيضاً

محاولة أخرى على طريق استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية ،، فهل ينجح لقاء القاهرة ؟؟*  

*محاولة أخرى على طريق استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية ،، فهل ينجح لقاء القاهرة ؟؟* *عبدالله …

اترك تعليقاً