التصعيد القادم بين اليمينين الإسرائيلي والفلسطيني

رام الله/ شبكة فتح العاصفة الإخبارية

بقلم: حميد قرمان

قدم خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في الخارج، من خلال تصريحاته الأخيرة، طوق النجاة لحكومة اليمين المتطرف بقيادة بنيامين نتنياهو، حيث أعلن أن الأمور تتجه نحو التصعيد في شهر رمضان، وأن الوضع العام في الأراضي الفلسطينية مقبل على أيام ساخنة على حسب وصفه.

حكومة نتنياهو تنتظر هذه التصريحات على أحر من الجمر، لتكون مبررا ودافعا لتزيد من إرهابها وعنفها العسكري ضد الفلسطينيين، خاصة بعد سلسلة الإدانات الدولية لتصريحات وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش الذي دعا فيها إلى محو قرية حوارة الفلسطينية، والذي تراجع عنها لاحقا، بعدما جعل الأميركيين أنفسهم يستنكرون هذه التصريحات ويقفون بحزم ضدها، ليأتي خالد مشعل ممثل حركة حماس ويطلق مثل هذه التصريحات، في دلالة إما على جهل سياسي وقصور في قراءة المشهد العام في الأراضي الفلسطينية، أو تساوقا مع الاحتلال وسياساته، لتعطي اليمين الإسرائيلي مساحة للمناورة أكبر من مساحة تحديد الخيارات التي رضخ لها، بسبب التفاهمات التي جرت مؤخرا في قمة العقبة بضغط أميركي رافض لحالة التصعيد المستمرة في الأراضي الفلسطينية بسبب انتهاكات الاحتلال وإرهابه.

حركة حماس، في العموم، تعيش حالة عزلة سياسية، خاصة بعد هروب قيادات الصف الأول من جحيم غزة إلى نعيم فنادق إسطنبول والدوحة وطهران، بعد أن تآكلت شعبيتها في مقامراتها العسكرية بخمس حروب خاضتها مع إسرائيل، ولم يدفع ثمنها إلا المواطن الفلسطيني البسيط في قطاع غزة، القابع بمستنقع الفقر والجهل الحمساوي.

هذا من جانب، ومن جانب آخر؛ الصراع المحتدم بين تياراتها على النفوذ السياسي والمالي داخل الحركة، والذي كلما وصل حد الاقتتال، تلجأ بعض التيارات التي تدافع عن تماسك الحركة، لجر قطاع غزة بأكمله إلى حرب شعواء مع إسرائيل على أمل إبقاء وحدة حركة حماس، وحفاظا على مصالحها أمام الأطراف الإقليمية المعنية بدعمها ماليا وعسكريا، والتي أصبحت ترى في حركة الجهاد الإسلامي منافسا قويا لحماس على الساحة الفلسطينية، فإيران تحتاج اليوم إلى تصعيد عسكري في قطاع غزة لتذكر الجميع بما تملك من أوراق تفاوضية في ملفها النووي.

وكما تتكون حكومة نتنياهو من أحزاب اليمين واليمين المتطرف، التي تجمعها سياسات الإرهاب الممنهج ضد الفلسطينيين، وترى بأن استمرارها وبقاءها في سدة الحكم سيكون عبر تفريغ أزماتها السياسية بتصعيد العنف في الأراضي الفلسطينية، ترى حركة حماس بتياراتها أن حالة العزلة والجمود وشح الموارد المالية، الذي أصاب الحركة في الشهور الأخيرة سيكسر من خلال تصعيد عسكري في شهر رمضان المقبل، ليعيد رونق شعارات المقاومة البراقة للحركة، ويعطيها شعبية وسط الجماهير المتعطشة أصلا لأي عمل انتقامي عسكري ضد إسرائيل، ويخرجها من عزلتها، ويزيد حجم الاتصالات الدبلوماسية معها، ويدفع قياداتها التي تخطط للاستيلاء على قيادة التنظيم الدولي للإخوان. فحماس تعتبر نفسها الامتداد الطبيعي والشرعي الوحيد على الساحة الإقليمية للتنظيم الأم، بعد أن أصابته التصدعات نتيجة سلسلة الإخفاقات التي مُنيت بها جماعات الإخوان في عدة دول عربية.

يقال في الأثر العربي: “عدو عاقل خير من صديق جاهل”. المعضلة أن الشعب الفلسطيني اُبتلي بعدوّ وصديق جاهلين. فاليمين الإسرائيلي أو الفلسطيني متمثلا بحركة حماس، وجهان لعملة واحدة يعتمدان على بقاء حكمهما في تل أبيب أو غزة على التصعيد المستمر المتوازن للحفاظ على مصالحهما، في تناغم واضح، هو أن الصراع بينهما صراع الإبقاء على الآخر دون إقصائه أو القضاء عليه. وهذه سياسة بنيامين نتنياهو، التي سمحت بعقد تفاهمات حياتية مع قادة حماس في قطاع غزة دون تحقيق هدف سياسي واحد على مدار ستة عشر عاما.

عن علام عبيد

شاهد أيضاً

وفد مشترك من هيئة علماء المسلمين في لبنان ورابطة علماء فلسطين في لبنان يلتقي فتحي أبو العردات 

رام الله/ شبكة فتح العاصفة الإخبارية المصدر / د. وسيم وني التقى وفد مشترك من …

اترك تعليقاً